أحكام الشيكات المصدقة (مقبولة الدفع)

نشر بتاريخ : 2019-10-02


قد يتطلب إتمام التصرف القانوني وإنجازه سداد قيمته في الحال أي في مجلس العقد وليس بعده، والأصل أن توقيع المشتري أو المتعاقد على شيك مصرفي بقيمة الصفقة وتسليمه للطرف الآخر (المستفيد) يعتبر وفاءً حالاً لقيمتها، إلا أنه نظراً للاعتبارات العملية واحتماليات رجوع الشيك دون صرف سواء بسبب عدم وجود رصيد للساحب يكفي لصرفه أو بسبب خطأ أو عدم صحة في توقيع الساحب أو لغير ذلك من الأسباب، فقد جرى العمل على تقديم الشيك المصدق أو المقبول الدفع، وهو شيك يحرره الساحب ويضع البنك تأكيده عليه بأن لديه رصيداً يكفي لصرف قيمة هذا الشيك أو بأية صيغة أخرى تفيد ذلك، الأمر الذي يبعث الطمأنينة لدى المتعاقد الآخر (المستفيد) بصحة الشيك وصحة التوقيعات الواردة فيه وبوجود الرصيد الكافي لصرفه لدى البنك المسحوب عليه، وبالتزام هذا البنك بتجنيب مقابل الشيك إلى حين تقديمه للوفاء وصرفه.

ويترتب على قيام البنك باعتماد الشيك بهذه الصورة أو التصديق عليه أو التأشير عليه أو تأكيده بأية عبارة أخرى عدة أحكام نوجزها في السطور التالية، إلا أنه ينبغي التفرقة أولاً بين التصديق على الشيك أو اعتماده على النحو الوارد أعلاه، وبين قبول الشيك المحظور بنص المادة 482 من قانون التجارة:

 ذلك لأن الشيك وإن كان ورقة تجارية كالكمبيالة والسند الإذني والسند لأمر إلا أنه يتميز عن تلك الأوراق التجارية بأنه أداة وفاء بحد ذاته ولا يحتاج إلى أي إجراء آخر مثل قبول المسحوب عليه وإن صدر هذا القبول فعلاً على الشيك فلا قيمة له وفقاً للنص المشار إليه ولا أثر له أيضاً لأن مجرد قبول البنك المسحوب عليه للشيك لا يترتب عليه حجز قيمة الشيك لصالح المستفيد ولا ضمان صرفه لدى تقديمه للصرف،  كما سنرى في حالة التصديق على الشيك أو اعتماده، بيد أن قبول المسحوب عليه للكمبيالة أو للأوراق التجارية الأخرى من شأنه أن يفرض عليه التزامات حددها قانون التجارة في المواد من 409 إلى 417 كما حدد القانون نفسه التزامات المستفيد من تلك الأوراق التجارية بوجوب تقديمها إلى المسحوب عليه لقبولها في حالات ومواعيد محددة. 

وقد أكد قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999هذا الفارق بين الشيك والأوراق التجارية الأخرى، فبينما تنص المواد من 409 إلى 417 على أحكام القبول في الأوراق التجارية، فقد نصت المادة 482 على عدم القبول في الشيك أو اعتبار هذا القبول كأن لم يكن، حيث نصت على أنه:

(1): لا قبول فى الشيك فإذا كتبت عليه صيغة القبول اعتبرت كأن لم تكن .

(2): ومع ذلك يجوز تقديم الشيك للمسحوب عليه للتأشير عليه بالاعتماد . ويفيد هذا التأشير وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه فى تاريخ التأشير . ويعتبر توقيع المسحوب عليه على صدر الشيك اعتمادا له .

(3):لا يجوز للمسحوب عليه رفض اعتماد الشيك إذا كان لديه مقابل وفاء يكفى لدفع قيمته .

(4): ويبقى مقابل وفاء الشيك المؤشر عليه بالاعتماد مجمداً لدى المسحوب عليه وتحت مسئوليته لمصلحة الحامل إلى حين انتهاء مواعيد تقديم الشيك للوفاء.

(5): ومع ذلك يجوز للمسحوب عليه التأشير علي الشيك بما يفيد مطابقة توقيع الساحب الوارد عليه لتوقيعه المودع لدي المسحوب عليه ولا يفيد هذا التاشير وجود مقابل الوفاء لدي المسحوب عليه وقت التأشير .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا النص ما يلي:

"حظرت المادة 482 القبول في الشيك وذلك تمشياً مع طبيعته والوظيفة المنوط بها واعتباره أداة وفاء لدى الاطلاع دائما وبصرف النظر عن التاريخ الوارد به مما يجيز للمستفيد منه أو لحامله قبض قيمته بمجرد تقديمه للمسحوب عليه وعلاوة على ذلك فإن الشيك لا يجب أن يحمل سوی تاریخ واحد وإلا فقد صفته کشيك.

وقد أفاد المشروع من التحفظ الواردة بالمادة 6 من الملحق الثاني لاتفاقية جنيف والتي تنص على أنه يجوز لكل دولة متعاقدة أن تنص على صحة ما يكتبه المسحوب عليه على الشيك من عبارات التوثيق أو التأكيد أو الإطلاع أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى ما دامت هذه العبارة لا تحمل معنى القبول وما يترتب عليه من آثار قانونية وقد أخذ المشروع بذلك التحفظ ليقنن الشيك المعتمد الذي جرى العرف على تسميته بالشيك مقبول الدفع فأجاز للبنك المسحوب عليه أن يؤشر على الشيك عند إصداره بالاعتماد ويفيد هذا الاعتماد إقرار البنك.

وإذا أودع الساحب مقابل وفاء الشيك لدى المسحوب عليه تحت حساب هذا الشيك فعندئذ يلتزم المسحوب عليه بالتأشير على الشيك بالاعتماد ولا يجوز له أن يتصرف في مقابل وفاء الشيك بل يظل مجمداً لمصلحة حامل الشيك حتى انتهاء مواعيد تقديم الشيك للوفاء".

الشرح والتعليق على نص المادة 482 من قانون التجارة:

هذه المادة مستحدثة من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 وقد وردت هذه المادة في المشروع المقدم من الحكومة بنفس الصيغة التي صدر بها القانون ولم تطرأ عليها أية تعديلات، وقد نصت المادة 4 من قانون جنيف على حظر القبول في الشيك بيد أن المادة 6 من الملحق الثاني نصت على أنه " يجوز لكل دولة متعاقدة أن تنص على صحة ما يكتبه المسحوب عليه من عبارات التوثيق أو التوكيد أو الإطلاع أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى مادامت هذه العبارة لا تحمل معنی القبول وما يترتب عليه من آثار قانونية.

وقد حظرت المادة 482 من قانون التجارة رقم 17 لسنة ۱۹۹۹ القبول في الشيك وتلك تمشياً مع طبيعته والوظيفة المنوط به القيام بها واعتباره أداة وفاء لدى الإطلاع دائما وبصرف النظر عن التاريخ الوارد به مما يجيز للمستفيد منه أو لحامله قبض قيمته بمجرد تقديمه للمسحوب عليه وعلاوة على ذلك فإن الشيك لا يجب أن يعمل سوی تاریخ واحد وإلا فقد صفته كشيك، وقد أفاد القانون من لفظ الوارد بالمادة 6 من الملحق الثاني لاتفاقية جنيف والتي تنص على أنه يجوز لكل دولة متعاقدة أن تنص على صحة ما يكتبه المسحوب عليه على الشيك من عبرت لتوثيق أو لتوكيد أو الإطلاع ما دامت هذه العبارة لا تحمل معنى قول وقد أخذ القانون بهذا التحفظ ليقنن ما استقر عليه العمل في شأن ما يسمى بالشيكات مقبولة الدفع.

حالة تضمن الشيك صيغة القبول :

أوجبت المادة 482 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 في فقرتها الأولى عدم تضمن الشيك لصيغة القبول وكما قررت بأن صيغة القبول إذا اقترنت بالشيك تعتبر كأن لم تكن حيث نصت أنه لا قبول في الشيك فإذا كتبت عليه صيغة القبول اعتبرت كأن لم تكن.

التأشير على الشيك بالاعتماد: 

أجازت الفقرة الثانية من المادة تقديم الشيك للمسحوب عليه للتأشير عليه بالاعتماد ويفيد هذا التأشير وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه في تاريخ التأشير. ويعتبر توقيع المسحوب عليه على صدر الشيك اعتماداً له.

ويقدم طلب التأشير بالاعتماد على الشيك إما من المسحوب عليه أو الحامل، لكي يطمئن إلى وجود مقابل الشيك. 

ويقوم المسحوب عليه بالتأشير على صدر الشيك باعتماده أو بأي عبارة تفيد هذا المعنى صراحة، كالتأشير بالاطلاع أو بالنظر، ويذكر في صيغة الاعتماد عادة مبلغ الشيك وتاريخ الاعتماد. 

كما يعتبر مجرد توقيع المسحوب عليه على صدر الشيك اعتماداً له. 

ولا يجوز للمسحوب عليه رفض اعتماد الشيك إذا كان لديه مقابل وفاء يكفي لدفع قيمته، وإلا كان مسئولاً قبل الحامل، وللأخير مطالبته بالتعويضات عند حصول الضرر.

أثر التأشير على الشيك بالاعتماد: 

أوضحت الفقرة الرابعة من المادة أثر تأشير المسحوب عليه بالاعتماد على الشيك. وقضت بأن التأشير بالاعتماد يلزم المسحوب عليه بالإبقاء على مقابل الوفاء بالشيك مجمداً وتحت مسئوليته لمصلحة الحامل إلى حين انتهاء مواعيد تقديم الشيك للوفاء، فيجوز للحامل صرف قيمة الشيك من المسحوب عليه قبل انتهاء هذه المواعيد. فإذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء بقيمة الشيك، أو اعتمد الشيك دون أن يكون لديه مقابل وفاء، أو إذا مكن الساحب من استرداد هذا المقابل قبل انتهاء مواعيد تقديم الشيك للوفاء كان مسئولاً أمام الحامل عن أداء قيمة الشيك. 

والتأشير على الشيك بالاعتماد يختلف عن القبول – الذي يحصل فی الكمبيالة - لأن المسحوب عليه القابل يصبح المدين الأصلي في الكمبيالة ويتعهد بدفع قيمتها للحامل في ميعاد الاستحقاق، ولا ينقضى التزامه إلا بالوفاء أو بالتقادم المصرفي. 

استحقاق البنك عمولة اعتماد: 

يستحق للبنك عمولة على اعتماد الشيك يدفعها صاحب الحساب المصرفي. 

وهذه العمولة كانت محددة من قبل بتعريفه أسعار الخدمات المصرفية الصادرة عن البنك المركزى المصرى قديماً وعن اتحاد بنوك مصر مؤخراً، ولكن هذا وذاك زال الآن، وأصبح تحديد أسعار الخدمات المصرفية أمراً من اختصاص كل بنك على حده يتخذ فيه ما يشاء من القواعد لنفسه دون أن يكون ذلك مفروضاً عليه مسبقاً وذلك عملاً بأحكام القانون رقم ۱۹۷ لسنة 1996.

ولكن إذا كانت طريقة القواعد المسبقة قد ألغيت فإن الرقابة اللاحقة من جانب البنك المركزي واتحاد بنوك مصر لا تزال قائمة فيجوز لأية جهة منها أن توجه البنوك إلى عدم الإفراط في فرض العمولات وإلى الاعتدال في ذلك.

حالة رفض اعتماد الشيك :

أشارت المادة 482 في الفقرة الثالثة إلى عدم جواز رفض الاعتماد للشيك من المسحوب عليه إذا كان لديه مقابل للوفاء يكفي للوفاء بقيمة الشيك حيث تضمنت أنه لا يجوز للمسحوب عليه رفض اعتماد الشيك إذا كان لديه مقابل وفاء يكفي لدفع قيمته.

حالة تجميد مقابل الوفاء :

عرضت المادة 482 في الفقرة الرابعة لها لحالة تجميد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه وتحت مسئوليته إلى حين الانتهاء من مواعيد تقديم الشيك للوفاء حيث تضمنت أنه يبقى مقابل وفاء الشيك المؤشر عليه بالاعتماد مجمداً لدى المسحوب عليه وتحت مسئوليته لمصلحة الحامل إلى حين انتهاء مواعيد تقديم الشيك للوفاء . على أنه حين يجمد الرصيد المقابل للوفاء بالشيك بعد تحرير الشيك وقبل صرفه دون علم الساحب ودون توقع منه. اعتبر هذا التجميد قوة قاهرة وانتفى معها الركن المادي للجريمة رغم عدم صرف قيمة الشيك.

(راجع مشكوراً: 1- موسوعة شرح قانون التجارة، المستشار الدكتور/ عبد الفتاح مراد، الطبعة الأولى، نادي القضاة، الجزء / الثالث، و2- موسوعة الفقه والقضاء في شرح قانون التجارة الجديد، المستشار الدكتور/ محمد عزمي البكري، دار محمود للنشر والتوزيع، المجلد / الرابع)

التأشير على الشيك بما يفيد مطابقة توقيع الساحب للتوقيع المودع لدى المسحوب عليه: 

وأخيراً أجازت الفقرة الخامسة من المادة 482 (المضافة بالقانون رقم 159 لسنة 2004) أن يكون تأشير البنك المسحوب عليه على الشيك مقتصراً على ما يفيد مطابقة توقيع الساحب الوارد عليه لتوقيعه لدى المسحوب عليه، دون أن يفيد هذا التأشير وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه وقت التأشير، وهذا الحكم أيضاً من شأنه بعث الاطمئنان لدى المستفيد من الشيك بتحققه من مطابقة توقيع الساحب على توقيعه المودع لدى المسحوب عليه وإن كان لا يضمن له وجود مبلغ الشيك لدى البنك.

(مركز الراية للدراسات القانونية)