الصلح مع الدولة في مواد المخالفات وبعض الجنح

نشر بتاريخ : 2019-08-23


الصلح مع الدولة في مواد المخالفات وبعض الجنح 

تنص المادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998 على أنه: "يجوز للمتهم التصالح فى المخالفات، وكذلك فى الجنح التي لا يعاقب عليها وجوباً بغير الغرامة أو التي يعاقب عليها جوازياً بالحبس الذي لا يزيد حده الأقصى علي ستة أشهر .  

وعلى محرر المحضر أو النيابة العامة بحسب الأحوال أن يعرض التصالح على المتهم أو وكيله ويثبت ذلك فى المحضر . 

وعلى المتهم الذي يرغب في التصالح أن يدفع  قبل رفع الدعوي الجنائية، مبلغاً يعادل ثلث الحد الأقصي للغرامة المقررة للجريمة، ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو إلى النيابة العامة أو إلى من يرخص له فى ذلك من وزير العدل . 

ولا يسقط حق المتهم فى التصالح برفع الدعوى الجنائية إلي المحكمة إذا دفع ثلثي الجد الأقصي للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر وذلك قبل صدور حكم في الموضوع. 

وتنتقضي الدعوى الجنائية بدفع مبلغ التصالح ، ولا يكون لهذا الإنقضاء أثرعلى الدعوى المدنية". 

وقد ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 174 لسنة 1998 الذي أُضيفت بموجبه المادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية أنه: توسعة نطاق التصالح في جرائم المخالفات وبعض الجنح وإجازة الصلح بين المتهم والمجني عليه في البعض الآخر کسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية: 

أجاز المشرع للمتهم في مواد المخالفات، وفي الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بغير الغرامة - ويصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي النائب العام - أن يتصالح مقابل أن يدفع ما يعادل ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة أو كامل الحد الأدنى أيهما أكثر، وتنقضي الدعوى الجنائية بدفع مبلغ التصالح. ويزول حق المتهم في التصالح بالتصرف في الدعوى الجنائية ويراد بذلك إعفاء المتهمين المتصالحين من إجراءات المحاكمة التي قد تنتهي بإلزامهم بالحد الأقصى للغرامة بعد تجشمهم أعباء متابعتها والطعن في أحكامها فضلاً عن التخفيف عن جلسات المحاكمة بمقدار القضايا التي يتم فيها هذا التصالح وهو نظام عرفته التشريعات المقارنة وأجازت ولوج سبيله تيسيراً للتقاضي وتوفيراً لمصاريف الإجراءات الجنائية المعتادة ومراعاة للمصالح محل الحماية. 

كما ورد في تعليمات النيابة العامة في المسائل الجنائية تنفيذاً وتطبيقاً لهذا النص ما يلي:  

مادة 805 مكررا – تنقضي الدعوى الجنائية في مواد المخالفات وكذلك في مواد الجنح التي يعاقب القانون فيها بالغرامة بقيام المتهم أو وكيله بدفع مبلغ التصالح المنصوص عليه في المادة 18 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية. وإذا حصل التصالح خطأ في جريمة لا يجوز فيها ذلك، أو تبين أن مبلغ التصالح المدفوع يقل عما هو مقرر قانوناً، فعلي عضو النيابة اعتبار التصالح كأن لم يكن والسير في الدعوى الجنائية علي هذا الأساس 

مادة 1539 مكرراً -  تنقضي الدعوى الجنائية بقيام المتهم بدفع مبلغ التصالح المشار إليه في المادة 18 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية في المخالفات وفي مواد الجنح التي يعاقب القانون فيها بالغرامة فقط ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر. كما يترتب على صلح المجني عليه مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في المواد 241 فقرتان أولي وثانية، 242 (فقرأت أولي وثانية وثالثة)، 244 (فقرة أولي) 265، 321 مكررا، 323، 323 مكررا، 323 مكررا أولاً، 324 مكرراً، 341، 342، 354، 358، 360، 361 (فقرتان أولي وثانية ) 369 من قانون العقوبات وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر. 

التعليق على هذه المادة: 

ويلاحظ أنه وفقاً للنص فإن عرض التصالح في الجنح يكون من النيابة العامة، ويكون ذلك في مواجهة المتهم إذا كان حاضراً أما إذا لم يكن حاضر فإنه يتعين إعلانه بإعلان على يد محضر وفقاً لما جاء بقانون المرافعات فإذا تخلف عن الحضور رغم ذلك حق للنيابة العامة التصرف في الدعوى. 

حدد المشرع الجهات المختصة التي يتم دفع الغرامة بها وهي خزانة المحكمة أو إلى النيابة العامة أو إلى أي موظف عام يرخص له في ذلك من وزير العدل. 

وتنقضي الدعوى الجنائية بالتصالح ويمتنع على عضو النيابة رفع الدعوى الجنائية في الواقعة التي تم التصالح فيها وفقاً لأحكام القانون ويجب المبادرة إلى حفظ الأوراق قطعياً أو التقرير فيها بألا وجه على حسب الأحوال لإنقضاء الدعوى الجنائية لهذا السبب. 

عدم عرض الصلح على المتهم : 

ذهب رأي في الفقه إلى أنه إذا لم يعرض الصلح على المتهم في الحالات التي أوجب القانون فيها ذلك على النحو السابق وأحيلت الدعوى إلى المحكمة فإنه يتعين على المحكمة أن تقضي في هذه الحالة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وذلك لأن التصالح حق للمتهم أوجب المشرع عرضه عليه ولا يجوز إهداره وعلى المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها لأن جميع الإجراءات المتعلقة بقانون الإجراءات الجنائية متعلقة بالنظام العام. وكان ذلك قبل تعديل النص بالقانون 74 لسنة ۲۰۰۷. 

وهذا الرأي في تقديرنا يتصادم مع ما قرره المشرع في الفقرة الثالثة من المادة (۱۸ مكررا) إجراءات جنائية محل التعليق من حق المتهم لا يسقط في التصالح بفوات ميعاد الدفع ولا بإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة ثم شرط قبول التصالح في هاتين الحالتين سالفتي الذكر بدفع مبلغ يعادل نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقررة لهما أيهما أكثر ونرى أنه بإعلان المتهم إعلاناً صحيحاً بالدعوى فعليه إن كان يرغب في التصالح المثول أمام المحكمة بشخصه أو بوكيله الخاص وطلب الصلح. أما إذا لم يحضر فلا مناص من إعتباره رافضاً للصلح وتقضي المحكمة في الدعوى وفقاً للوقائع ونصوص القانون. وفي هذا فقد إستحسن البعض أن تعيد المحكمة إعلان المتهم بما إذا كان يرغب في التصالح من عدمه ثم تقضي بعد ذلك وفقاً للموقف الذي يتخذه. 

وقد تأيد هذا الإتجاه بالتعديل الذي تم بموجب القانون رقم 74 لسنة ۲۰۰۷ والذي نص في فقرته قبل الأخيرة بأنه لا يسقط حق المتهم فى التصالح برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا دفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقرر للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر وذلك قبل صدور حكم في الموضوع. 

ويلاحظ أخيرا أنه يجب على المحكمة أن تقضي بإنقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر. ولا يكون لذلك تأثير على الدعوى المدنية. كما يلاحظ أن الصلح جائز في أي مرحلة من مراحل الدعوى حتى يصير الحكم باتاً.(المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، الموسوعة القضائية الحديثة، التعليق على قانون الإجراءات الجنائية، دار محمود للنشر، المجلد الأول ، الصفحة : 236). 

وعلى ذلك فإن شروط التصالح التي تنقض به الدعوى الجنائية تتمثل في الأتي: 

الشرط الأول: أن تكون الجريمة مخالفة أو جنحة معاقب عليها بالغرامة أو بالحبس الذي لا يزيد أقصی مقداره على ستة أشهر ، فالمخالفات عموما والجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط يجوز فيها التصالح أيا كان قدر الغرامة أما الجنح المعاقب عليها بالحبس فلا يجوز التصالح فيها إلا إذا كان الحبس جوازيا وأن تكون مدته لا تزيد على ستة أشهر. 

الشرط الثاني : أن يتم عرض التصالح من محرر المحضر وهو مامور الضبط القضائي أو النيابة العامة ، وذلك للمتهم أو وكيله في حالة وجود المستهم وعلى من عرض التصالح أن يثبت ذلك في محضره. 

الشرط الثالث : أن يدفع المتهم الذي يقبل التصالح قبل رفع الدعوى الجنائية مبلغا يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو إلى النيابة العامة أو إلى أي موظف عام يرخص له في ذلك من وزير العدل. 

فإذا لم يدفع المتهم المبلغ المنصوص عليه في الفقرة السابقة فإن حقه في التصالح لا يسقط حتى ولو تم رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة ، علی أنه يشترط في هذه الحالة أن يدفع - ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر وذلك قبل صدور حكم في الموضوع، فإذا صدر حكم في الموضوع يترتب على ذلك سقوط حق المتهم في التصالح. 

الأثر المترتب على التصالح  : 

إذا دفع المتهم مبلغ التصالح المقرر حسب مرحلة الدعوى التي تم فيها التصالح ، فإنه يترتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية. 

والتصالح يحدث أثره فقط بالنسبة للدعوى الجنائية ولا يؤثر على الدعوى المدنية وفقا لصریح نص القانون.(الدكتور/ مأمون محمد سلامة، قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة 2017 مراجعة د/ رفاعي سيد سعد (سلامة للنشر والتوزيع) الجزء الأول،  الصفحة 211) 

وقد عرف قانون الإجراءات الجنائية المصري نظام العدالة الرضائية التي تتخذ شكل بدائل الدعوى الجنائية في صورة الصلح الجنائي في المادتين ۱۸ مكررا و ۱۸ مكررا «أ» إذا تم قبل رفع الدعوى الجنائية، وفي صورة الأمر الجنائي، وفي صورة التنازل عن الشكوى أو الطلب.  

نصت المادة 18 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للمتهم التصالح في المخالفات وكذلك في الجنح التي لا يعاقب عليها وجوبا بغير الغرامة أو التي يعاقب عليها جوازيا بالحبس الذي لا يزيد حده الأقصى على ستة أشهر. وبموجب هذه المادة أوجب القانون على محرر المحضر أو النيابة العامة - بحسب الأحوال - أن يعرض التصالح على المتهم أو وكيله ويثبت ذلك في المحضر. وعلى المتهم الذي يرغب في التصالح أن يدفع، قبل رفع الدعوى الجنائية، مبلغا يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو النيابة العامة أو إلى من يرخص له في ذلك من وزير العدل. ولا يسقط حق المتهم فى التصالح برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا دفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر، وذلك قبل صدور حكم في الموضوع. وتنقضي الدعوى الجنائية بدفع مبلغ التصالح، ولا يكون لهذا الانقضاء أثر على الدعوى المدنية. 

وواضح من هذا النص ما يأتي: 

1- أن نطاق التصالح ينحصر في المخالفات بغير تمييز، وفي نوع معين من الجنح، هي الجنح التي حدد لها المشرع عقوبة الغرامة فقط، والجنح التي حدد لها المشرع عقوبة الحبس الجوازي الذي لا يزيد حده الأقصى على ستة أشهر أو الغرامة.  

۲- أن عرض التصالح وجوبي من محرر المحضر (إذا كان من مأموري الضبط القضائي بحكم التزامهم بتحرير المحاضر طبقا للمادة 24/ 2 إجراءات)، أو من النيابة العامة. ولا بأس من أن يتم هذا العرض من تلقاء نفس أيهما أو بناء على رغبة المتهم. ويكون العرض على المتهم أو وكيله على أن يثبت هذا العرض في المحضر.  

۳- أن تنفيذ التصالح إذا تم قبل رفع الدعوى الجنائية فعلى المتهم أن يدفع مبلغاً يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، فإذا تراخي التنفيذ إلى ما بعد رفع الدعوى الجنائية فعلى المتهم أن يدفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدبي المقرر لها أيهما أكثر، شريطة أن يتم ذلك قبل صدور حكم في الموضوع. ويستوي في ذلك أن ترفع الدعوى عن طريق النيابة العامة أو بطريق الادعاء المباشر من المدعي المدني. ويشترط أن يكون ذلك أمام محكمة أول درجة، ويجوز التصالح في مرحلة المعارضة قبل صدور حكم في الموضوع لأن المعارضة في الحكم الغيابي تطرح الدعوى برمتها أمام المحكمة (المادة 401 إجراءات). 

وعلى هذا النحو، فإن التصالح قبل الدعوى الجنائية يعد بديلاً لها، فإن تم بعد هذا التحريك اعتبر إجراء لتبسيطها وسبباً لاحقا لانقضائها. 

أثر التصالح: 

تنقضي الدعوى الجنائية بتنفيذ التصالح، أي بدفع مبلغه سواء تم قبل رفع الدعوى الجنائية أو بعده، ولا يكون هذا الانقضاء أثر على الدعوى المدنية، فإذا تم التصالح أمام المحكمة قبل صدور حكم في الموضوع بقيت الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة الجنائية.(الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية 2015، دار النهضة العربية، الكتاب الأول، الصفحة 351) 

مركز الراية للدراسات القانونية